The oral popular heritage in the southwest. Collecting and studying
From 01/01/2015
To 31/12/2017
Project supervisor : SENOUCI Saliha
Team members :
BENLEBBAD El Ghali
LAHCENE Redouane
SERGMA Achour
LIMAM Meriem
Problématique
الحكاية الشعبية هي تراث وفن وشكل من أشكال التعابير الشفهية التي تحمل في مضامينها مخزون ثقافي مكثف من نتاج جمعي يتسم بمهارات اكتسبها جرّاء التراكمات التاريخية التي أضفت صبغة الخصوصية والمحلية عليها. ولذلك نعتبرها ظاهرة اجتماعية وأدبية مرتبطة بالذاكرة الفردية والجماعية للمجتمع، ونعتبرها أيضا منظومة متداخلة ومتقاطعة من القيم الأخلاقية والثقافية والاجتماعية، فهي مسألة مرتبطة بجوهر الإنسان.
إنّ الحكاية الشعبية هذا الجزء المنسي من تراثنا يعّد عنصرا مهما من عناصر التعابير الشفهية، التي تحتاج إلى عناية كبيرة وذلك بجمعها وتدوينها ودراستها وإحياء ذاكرتها وتثمين ما تمثله من رموز ثقافية وقيّم إنسانية، هذا الأمر الذي جعل الدارسين يهتمون بها وبأشكال مختلفة من أنماط الأدب الشعبي الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من "الفولكلور" هذا الأخير المحصور بين الأقوال والمآثر والأغاني والأمثال والحكايات.
وعلى ضوء ما تقدم يتضح لنا أنّ الأدب الشعبي عامة والحكاية خاصة يمثلان حقلا واسعًا للدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية والنفسية كما أجمع عليه جل الدارسين في التراث الشعبي، إلا أنّ الدراسات في ضوء تلك المناهج ظلت قليلة ماعدا بعض الدراسات هنا وهناك.
ومن أقدم الدراسات الرائدة في الأدب الشعبي ما جمعه الأخوان "جريم" بألمانيا و"مكسيم جوركي" "بروسيا" من حكايات شعبية، الى جانب بعض المحاولات الأخرى في مختلف أرجاء العالم أهمّها: دراسة "الفولكلور: قضاياه وتاريخه" للباحث الروسي "يوري سوكولوف" الذي يعّد من الأوائل في العالم الذين انتبهوا إلى أهمية الثقافة الشعبية ما أدّى به إلى إثارة قضايا عديدة أهمّها التنويه بترتيب الحكايات إقليميا كما أكّد على قيمتها الاجتماعية وأهميتها العلمية.
ونجد الأمر نفسه في دراسة "فلاديمير بروب" مورفولوجية الحكاية" الذي تناول فيها دراسة حوالي مائة حكاية خرافية روسية حدّد بها العناصر الثابتة والمتغيرة، وخلص إلى امكانية تغيير شخوص الحكاية وثبوت وظائفها، وحددّها بثلاثين وظيفة.
وتجدر الاشارة هنا الى أنّ هاتين الدراستين تبقى من أهم الدراسات في هذا المجال في فهم شخصيات الشعوب فهما دقيقا، ما أكدّه كذلك العديد من الدارسين أمثال "لفي ستروس" في دراسته لأساطير العالم وكذلك العالم الألماني "يوهان".
أما الحقل العربي فقد تراكمت فيه أيضا مجموعة من الدراسات وعلى رأسها ما توصلت اليه "نبيلة إبراهيم" حينما تطرقت إلى إمكانية تناول الحكاية لحضارة الشعب ووصف بيئته ومجتمعه.ولم تقتصر دراسة الحكاية على بعض دول العالم وإنما حذت حذوهم أيضاً الجزائر وخطت خطوات متقدمة في هذا البحث أمثال "عبدالحميد بورايو" "وليلى قريش روزلين"، حيث تعدّ هذه الدراسات فتح لورشات اشتغال على الحكاية في بنيتها العميقة.
ومهما يكن من أمر فإنّ جلّ الدراسات العالمية والعربية جميعها تجمع على أنّ الحكاية الشعبية تبقى من أهّم الأشكال التعبيرية الشفهية التي تصوّر لنا أحداث المجتمع وتعكس مواقفه وتحقق توازنه، ولعّل ذلك من أهّم الأسباب التي دفعتنا إلى الولوج إلى عالم الحكاية الشعبية.
من أهم الدوافع الموضوعية التي أدّت بنا إلى اختيار هذا المشروع هو محاولة الكشف عن الظواهر الاجتماعية والثقافية التي مرّرتها لنا الحكاية الشعبية ونقلت عن طريقها أهم السلوكات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأفراد المجتمع. وهذا محاولة منا إلى تفكيك بناءها والقيام برحلة كاشفة للنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وما تحمله من سلوكات متعدّدة. ومن بين الأسباب الموضوعية أيضاً محاولة الخوض في المنهج الأنثروبولوجي لدراسة الحكاية الشعبية. والتعرض لها في حقول معرفية أخرى لأنّ الحكاية الشعبية تحتاج الكثير من الدراسات الاجتماعية والإنسانية التي تهدف الى الكشف عن مضامين القيم الأخلاقية والسلوكات الاجتماعية والثقافية التي تتضمنها، إضافة إلى العمل على تفكيك بنيتها.
وفي غياب تصور واضح أمام هذا الإشكال يجرنا الأمر إلى طرح عدد من التساؤلات لعلّ أهمّها: ما هي مضامين المنظومة الاجتماعية التي تتضمنها الحكاية ؟. ويتفرع عنها مجموعة أسئلة مكنتنا من توجيه بحثنا وهي: هل تعكس الحكاية الشعبية ثمتلات الجماعة وممارستها داخل البناء المجتمعي ؟
إنّ موضوع الحكاية الشعبية واسع ومتشعب يدور في معظمه حول ما يشغل روح الشعب وفكره سواء في نطاق المرأة أو الأسرة أو المجتمع، وذلك بالتمسك بوحدتهما والمحافظة على بناءهما الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من أجل بناء مجتمع مثالي خال من المفارقات الاجتماعية. ومن هذا المنطلق فإن الحكاية لا يمكن أن تشكل في محتواها سوى نظرة الشعب الروحية.
استطاعت الحكاية الشعبية أن تثير قضايا عديدة من خلال سلوكات أفرادها التي عبّرت بها عن واقعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.