كلمة السيد المدير
أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي منذ سنة 2016 (سنة ضمان الجودة) سياسة تقوم على ضرورة تعزيز الإمكانيات المخصصة للتكوين والبحث والحوكمة على مستوى مؤسسات القطاع. وهذه المقاربة تستجيب إلى متطلبات مجتمع المعرفة، الذي يفرض نفسه أكثر فأكثر، وأيضا إلى تطلعات مختلف مكونات جماعة الممارسات الجامعية، عبر التحسين المتواصل للإجراءات المتخذة والجهود المبذولة منذ عقود من الزمن. وعليه نتطلع أن يكون التزامنا بصفتنا مديرا لهذه المؤسسة البحثية الراقية "مركز البحث العلمي والتقني في علم الإنسان الاجتماعي والثقافي" في مستوى التحديات التي تود مؤسستنا رفعها، مع تعزيز الممارسات الجيدة المبلورة منذ سنوات، والتي تجدر إعادة إنتاجها وتعميمها. كما سنحرص على تلبية حاجات ومتطلبات التنمية الوطنية، مع العمل على ترقية العلوم الاجتماعية والإنسانية.
يرتكز مشروعنا - الذي تمت صياغته وفق ما يتماشى مع خصوصية المركز - على المرجع الوطني لضمان
الجودة (RNAQES) من حيث نوعية الخدمات، وإجبارية المتابعة، وجودة الأداء، وتحسين مسار اتخاذ القرار، وتقليص فترة دراسة الملفات، وتقييم النتائج المتحصل عليها في ضوء الأهداف المسطرة، واشتراط الشفافية وتقديم الحصائل؛ فالهدف الأسمى لهذه المقاربة هو بلوغ مستوى جودة محدد مسبقا (الالتزام بالنتائج في ضوء الأداءات المقدمة).
لا بد أن يستهدف مركز البحث العلمي والتقني في علم الإنسان الاجتماعي والثقافي - في مساعيه وميكانيزماته التسييرية - إلى بلوغ الاستجابة الرصينة لمتطلبات الجودة وللمهام المسندة إليه من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ومن هذا المنظور، يتعلق انشغالنا الأول بالحوكمة على مستوى المركز كمعيار حتمي في مقاربة الجودة التي نأمل التركيز عليها. في السياق نفسه، نرى أن التمكين من المسؤولية والتمكين من الاستقلالية (معيار الجودة والحوكمة الرشيدة)، إلى جانب إشراك ومشاركة كل الأطراف الفاعلة يتيح النجاعة والفعالية في تسيير الممارسات الإدارية؛ وكذا تحسين ظروف البحث. فالباحث، دائما كان أم مشاركا، هو في نظرنا عنصر أساسي في المؤسسة البحثية.
أما على صعيد البحث العلمي، فإن رؤيتنا تصب في تعزيز هيئات قيادة ومتابعة البحث من أجل الاستجابة بشكل أفضل لأولويات البحث الخاصة بالمركز ووحداته بوهران وقسنطينة والبليدة؛ إذ نهدف إلى تفعيل سياسة مبنية على التحفيز موجهة للباحثين وهذا بتطوير استراتيجية شراكات بحثية متميّزة على المستويين الجهوي الإقليمي والدولي. أما ترقية مرئية البحث، فإنها تستدعي تبني سياسة محكمة في نشر وتوزيع الإنتاج العلمي للمركز ومن جانب آخر، يتطلب الوضع ضمان اليقظة العلمية في ميادين البحث، وخلق فضاء تبادل مع مؤسسات التعليم العالي أين يقوم التحدّي على جعل أنشطة المركز مسموعة ومفهومة. وبهذا، ستعطى أهمية أكبر لتعدّدية التخصصات وكذا تقاطعيتها، حتى يتم تجنّب التجزئة التي تختزل بشكل مفرط البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية التي تعد -في الواقع الأمر- حافزا حقيقيا في ميدان العلوم الاجتماعية والانسانية.
سيلتزم المركز -من خلال تجنيد وإشراك الباحثين ومستخدمي دعم البحث على حد سواء- بالتزوّد بالأدوات التي من شأنها الدفع بمرئية المركز إلى نطاق أوسع خاصة وأن هذه المؤسسة عرفت كيف تجتاز منعطف الجائحة دون الكثير من النقائص؛ إذ يتعلق الوضع ببعث دورة جديدة تتطرق إلى الموضوعات الأكثر أهمية لتنمية بلادنا: الرقمنة، التحوّل الرقمي، الذكاء الاصطناعي، مجتمع المعرفة والاتصال ضمن محيط يكرس حيّزا أكبر فأكبر للبعد الهجين.
وهران، في 15 مايو2022